للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* خالفه: الوليد بن كثير، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء، عن عبد الرحمن بن أبي سفيان؛ أن معاوية أرسل إلى عائشة -رضي الله عنها- يسألها عن السجدتين بعد العصر، فقالت: ليس عندي صلاهما، ولكن أم سلمة -رضي الله عنها- حدثتني أنه صلاهما عندها، فأرسل إلى أم سلمة -رضي الله عنها-، فقالت: صلاهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندي لم أره صلاهما قبل ولا بعد، فقلت: يا رسول الله! ما سجدتان رأيتك صليتهما بعد العصر ما صليتهما قبل ولا بعد؟ فقال: "هما سجدتان كنت أصليهما بعد الظهر فقدم عليَّ قلائص من الصدقة، فنسيتهما حتى صليت العصر، ثم ذكرتهما، فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يروني، فصليتهما عندك".

أخرجه الطحاوي (١/ ٣٠٢).

قلت: وهذا أولى من حديث ابن إسحاق، فإن الوليد بن كثير المخزومي المدني، سكن الكوفة: ثقة، وحديثه هذا: رجال إسناده ثقات؛ غير عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب بن عبد العزي، وهو في عداد المجاهيل مع قلة ما يروي، وقد انفرد في هذا الحديث بما لم يتابع عليه، وهو حديث منكر، وسبق الكلام عليه في طرق حديث أم سلمة، والله أعلم.

* وأولى منه؛ بل هو الصواب من حديث ابن حويطب:

ما رواه محمد بن إسحاق نفسه، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء، عن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عائشة، قالت: حدثتني أم سلمة؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاهما في بيتها. [تعني: أول مرة حين قضاهما].

أخرجه الطبراني في الكبير (٢٣/ ٢٤٩/ ٥٠٢)، بإسناد صحيح إلى ابن إسحاق.

* وعندئذٍ يمكن أن يقال: قد كان لمحمد بن عمرو بن عطاء في هذا الحديث إسنادان، ورواه عنه ابن إسحاق بالإسنادين جميعًا؛ لكن الرواية الأولى وهم؛ لما وقع فيها من اختصار، وأن قوله فيها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، لا يبعد أن يكون هو مضمون ما رواه كريب مولى ابن عباس [وهو حديث الباب]، عن أم سلمة، وفيه قالت أم سلمة: فأرسلتُ إليه الجارية، فقلتُ: قومي بجنبه فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله! أسمعُك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما؟؛ يعني: أنها احتجت عليه -صلى الله عليه وسلم- بنهيه السابق عن الصلاة بعد العصر [كما صح عن عدد من الصحابة مرفوعًا: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس"، ويأتي تخريجه برقم (١٢٧٦)]، ثم هو الآن يصلي بعد العصر، ومما يؤيد وقوع الوهم في رواية ابن إسحاق، وأنها رواية مختصرة من أصل حديث عائشة وأم سلمة في قضاء ركعتي الظهر البعدية بعد صلاة العصر، لا سيما مع اتحاد المخرج:

٢٣ - ما رواه أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وسليمان بن حرب، وهدبة بن خالد، وحجاج بن المنهال [وهم ثقات أثبات]، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي [لا بأس به]:

<<  <  ج: ص:  >  >>