للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: طارق بن شهاب: صحابي؛ رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو كبير، ولم يثبت له منه سماع، وغزا في خلافة أبي بكر، وهو ممن أدرك الجاهلية، وحديثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسل، ومراسيل الصحابة مقبولة وهي حجة [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (٣٣٩)، والحديث رقم (١٠٦٧)].

والراوي عنه: قيس بن مسلم الجدلي الكوفي: ثقة، روى له الجماعة، وقد سمع من طارق بن شهاب، وقد روى عنه سفيان الثوري طرفًا من الحديث، وروى عنه شعبة الطرف الآخر، فهما حديثان متكاملان، وليسا متعارضين؛ إذ النهي عن الصلاة عند الطلوع مقترن بالنهي عنها عند الغروب، كما جاء في الأحاديث السابقة، ولم يختص النهي بأحدهما دون الآخر، قال ابن رجب في الفتح (٣/ ٢٧٧): "والظاهر: استواء الطلوع والغروب، ولا يُعلم عن أحد التفريق بينهما"، والله أعلم.

قلت: فهو حديث صحيح، والله أعلم.

٧ - حديث أنس بن مالك:

رواه محمد بن عبد الله بن نمير [كوفي، ثقة حافظ]، وأبو بشر بكر بن خلف [بصري، ثقة]:

عن روح بن عبادة [بصري، ثقة]، قال: ثنا أسامة بن زيد [الليثي المدني]، عن حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها؛ فإنها تطلع وتغرب على قرني شيطان، وصلوا بين ذلك ما شئتم".

أخرجه أبو يعلى (٧/ ٢٢٠/ ٤٢١٦)، وابن المنذر في الأوسط (٢/ ٣٨٩/ ١٠٨٩)، والضياء في المختارة (٥/ ٢٥٥/ ١٨٨٣)، [المسند المصنف (١/ ٥٦٩/ ٤٠٩)].

* خالفهما: محمد بن المثني أبو موسي الزمن [بصري، ثقة ثبت]: حدثنا روح بن عبادة، عن أسامة بن زيد، عن حفص، عن أنس؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلا بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس.

أخرجه البزار (١٣/ ٩٨/ ٦٤٦٠).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حفص إلا أسامة بن زيد".

قلت: هما روايتان متعارضتان: إحداهما تخص النهي بوقت الطلوع والغروب حسب، وتبيح لمن شاء أن يصلي متى شاء في غير هذين الوقتين المضيقين، والأخرى تمنعه من الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، فمنعته من الصلاة في الوقتين اللذين أبيح له الصلاة فيهما بنص الرواية الأخرى؛ فتعارضتا.

ويحتمل أن يكون الوهم من روح بن عبادة نفسه [راجع ترجمته من التهذيب (١/ ٦١٤)]، وأنه اضطرب في هذا الحديث فرواه مرة هكذا، ومرة هكذا.

ويحتمل أن يكون الوهم فيه من أسامة بن زيد الليثي مولاهم المدني، فهو: صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته

<<  <  ج: ص:  >  >>