للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[كما دل عليه حديث أم سلمة، دون المداومة عليها بعد العصر؛ فإنما ذلك من خصائص نبينا -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم].

وممن سلك هذه المسائل مسلك قضاء النافلة في أوقات النهي جمعًا بين النصوص، وإعمالًا لها؛ الشافعي، وأحمد، وإسحاق [اختلاف الحديث (١٠/ ١٠٢ - أم)، مسائل الكوسج (١٢١)، الأوسط (٢/ ٣٩٧)].

قال الشافعي في اختلاف الحديث (١٠/ ١٠٢ - أم) بعدما ذكر جملة من الأدلة، في قضاء الفوائت، وصلاة ركعتي الطواف في أية ساعة شاء، وصلاة الجنائز بعد العصر والصبح، وقضاء ركعتي الظهر بعد العصر، وقضاء ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر، وذلك كله في معارضة عموم النهي عن الصلاة في أوقات النهي الخمسة، قال الشافعي: "فلا يجوز إلا أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى عنها على ما وصفتُ: من كل صلاة لا تلزم، فأما كل صلاة كان يصليها صاحبها فأغفلها، أو شغل عنها، وكل صلاة أُكِّدت وإن لم تكن فرضًا؛ كركعتي الفجر والكسوف، فيكون نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما سوى هذا ثابتًا".

وقال ابن بطال في شرحه على البخاري (٢/ ٢٠٦): "اختلف العلماء فى تأويل نهيه عليه السلام عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، فقال مالك: المراد بذلك النافلة دون الفرض، والفرائض الفائتة تصلى أي وقت ذكرت؛ لقوله عليه السلام: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، وأدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فقد أدرك الصلاة"، ومعلوم أنه إذا أدرك ركعة فلا يقع إتمام الصلاة إلا في الوقت المنهي عنه، فدل ذلك على ما قلناه، وهو قول أحمد، وإسحاق.

وقال الشافعي: المراد به النافلة المبتدأة، وأما الصلوات المفروضات والمسنونات، أو ما كان يواظب عليه من النوافل فلا، واحتج بالإجماع على صلاة الجنازة، وبحديث عائشة: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قضى الركعتين بعد العصر".

وقال ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ٢٦١): "فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قد تطوع بركعتين بعد العصر قضاء الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الظهر، فلو كان نهيه عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس عن جميع التطوع، لما جاز أن يقضي ركعتين كان يصليهما بعد الظهر، فيقضيهما بعد العصر، وإنما صلاهما استحبابًا منه للدوام على عمل التطوع؛ لأنه أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن: "أفضل الأعمال أدومها"، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا عمل عملًا أحب أن يداوم عليه".

ثم قال (٢/ ٢٦٢): "والنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الخبر قد أمر من صلى الفجر في رحله أن يصلي مع الإمام، وأعلم أن صلاته تكون مع الإمام نافلة، فلو كان النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس نهيًا عامًا لا نهيًا خاصًا، لم يجز لمن صلى الفجر في الرحل أن يصلي مع الإمام فيجعلها تطوعًا، وأخبار النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة"، فيها دلالة على أن الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>