للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليها كلها: من صلى خمسًا لا يجلس إلا في آخرهن، ومن صلى سبعًا لا يجلس إلا في آخرهن، وقد روي في حديث زرارة عن عائشة: يوتر بتسع يجلس في الثامنة.

قال: ولكن أكثر الحديث وأقواه ركعة، فأنا أذهب إليه، ... ".

وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٣٣٥): "سمعت أبي يقول: يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أوتر بركعة من أربعة وجوه: عن ابن عباس، وابن عمر، وزيد بن خالد، وعائشة، وهو الذي آخذ به وأذهب إليه، يسلم في الركعتين ويوتر بواحدة.

وروي عن ابن عباس أنه أوتر بثلاث.

قلت لأبي: قال بعض الناس: أوتر بركعتين؟ قال: لا يكون هذا وترًا حتى يكون واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، وهذا كله يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحب إلى أن يوتر بواحدة إذا كان قبلها صلاة متقدمة".

وقال ابن رجب في الفتح (٦/ ٢٠١): "وأجاز أحمد وأصحابه وإسحاق: أن يوتر بثلاث موصولة، وأن يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرهن، وبتسع لا يجلس إلا في الثامنة، ولا يسلم ثم يقوم فيصلي ركعة، ثم يسلم؛ لما جاء في حديث عائشة المتقدم.

وجعلوا هذه النصوص خاصة، تخص عموم حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وقالوا في التسع والسبع والخمس: الأفضل أن تكون بسلام واحد، لذلك".

قلت: هكذا أعمل أحمد ما صح من النصوص الواردة في الباب، ولم يرد بعضها ببعض، ولم يجعله من اختلاف التعارض، وإنما هو من اختلاف التنوع، كما سيأتي بيانه في كلام الأئمة بعده.

* وقال محمد بن نصر في كتاب الوتر (٢٨٤ - مختصره): "فالذي نختاره لمن صلى بالليل في رمضان وغيره: أن يسلم بين كل ركعتين، حتى إذا أراد أن يوتر صلى ثلاث ركعات، يقرأ في الركعة الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} وفي الثانية بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، ويتشهد في الثانية ويسلم، ثم يقوم فيصلي ركعة يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين.

وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أوتر بسبع، لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في آخرهن.

وقد روي عنه أنه أوتر بتسع لم يجلس إلا في الثامنة والتاسعة.

وكلُّ ذلك جائزٌ أن يعمل به اقتداء به -صلى الله عليه وسلم- غير أن الاختيار ما ذكرنا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن صلاة الليل أجاب بان صلاة الليل مثنى مثنى، فاخترنا ما اختار هو لأمته، وأجزنا فعل من اقتدى به ففعل مثل فعله؛ إذ لم يُرو عنه نهيٌ عن ذلك، بل قد روي عنه أنه قال: "من شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة".

غير أن الأخبار التي رويت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أوتر بواحدة هي أثبت وأصح وأكثر عند أهل العلم بالأخبار، واختياره -صلى الله عليه وسلم- حين سئل كان كذلك؛ فلذلك اخترنا الوتر بركعة على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>