للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأوجه، وعلى كل وجه صح الخبر به عن سيدنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، لا ندع منها شيئًا بحالٍ بحمد الله ومنِّه وحسن توفيقه".

وقال أيضًا (٢/ ٣١٨): "هذا هو الطريق عند أهل العلم في أحاديث الثقات أن يؤخذ بجميعها إذا أمكن الأخذ به.

ووتر النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن في عمره مرة واحدة، حتى إذا اختلفت الروايات في كيفيتها كانت متضادة، والأشبه أنه كان يفعلها على ممر الأوقات على الوجوه التي رواها هؤلاء الثقات، فنأخذ بالجميع كما قال الشافعي رحمهُ اللهُ، ونختار ما وصفنا في رواية الزهري عن عروة عن عائشة؛ لفضل حفظ الزهري على حفظ غيره، ولموافقته رواية القاسم بن محمد عن عائشة، ورواية الجمهور عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وبهذا النوع من الترجيح ترك البخاري رواية هشام بن عروة في الوتر، ورواية سعد بن هشام عن عائشة في الوتر، فلم يخرج واحدة منهما في الصحيح مع كونهما من شرطه في سائر الروايات ثم أسند إلى ابن معين قوله: "الزهري أثبت في عروة من هشام بن عروة في عروة ثم قال: "وعلى هذا سائر أهل العلم بالحديث، فأما من زعم أن رواية عروة في هذا قد اضطربت؛ فادعها، وأرجع إلى رواية من رواها مطلقة ليس فيها من التفسير ما في رواية عروة؛ ليمكنني تصحيحها على مذهبي، أو إلى رواية من لعله لم يدخل على عائشة إلا مرة واحدة، ولم يسمع منها وراء الحجاب إلا مرة، فإنه لا ينظر في استعمال الأخبار لدينه، ولا يحتاط فيها لنفسه، والله يوفقنا لمتابعة السُّنَّة، وترك الهوى برحمته".

ثم نعى البيهقي في موضع آخر (٢/ ٣١٩) على من يأخذ من الأحاديث ما يوافق مذهبه وهواه، ويترك منها ما يخالفه، فقال: "واحتج بعض من لا يجوِّز الوتر بركعة واحدة بهذا الحديث [يعني: حديث سعد بن هشام]، ثم تركه، فلم يجوز الزيادة في الوتر على ثلاث ركعات، ولا الزيادة على ركعتين في صلاة الليل.

واحتج برواية الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يسلم من كل ركعتين، وفي حديث الزهري: ويوتر بواحدة، فترك من حديث الزهري ما لا يوافقه، وترك من حديث سعد بن هشام ما لا يوافقه، ويدعي مع هذا متابعة الآثار، والله حسيب الكل".

وقال في الخلافيات (٣/ ٣٣٢) (٢/ ٢٧٤ - مختصره): "فإن ذهبوا إلى الترجيح فحديث عروة بن الزبير أولى؛ لأنه أعرف بحديث عائشة -رضي الله عنها- من سعد بن هشام، وكما أظن لا يخفى هذا على عالم؛ لقربه من عائشة، وكونه ابن أختها، وفقهه ودرايته بأمور الدين، وهو أحد الفقهاء السبعة من التابعين.

ثم رواية الزهري عنه أولى من رواية هشام بن عروة عنه؛ لأنه أحفظ وأفقه من هشام بكثير، وهذا أيضًا مما لا يخفى على عالم.

وروايته موافقة لما روينا عن ابن عباس وابن عمر.

وقد روينا عن الصحابة الذين سميناهم ما يوافق رواية الزهري عن عروة عن عائشة،

<<  <  ج: ص:  >  >>