للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواية ابن عمر وابن عباس، وهو متفق على صحته مخرج في كتاب البخاري ومسلم.

وحديث هشام بن عروة عن أبيه، وسعد بن هشام: انفرد مسلم بإخراجه في الصحيح. هذا وجه الترجيح.

وإن صرنا إلى الاستعمال فيجوز له أن يوتر بواحدة أو بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن، أو بتسع أو أقل، يقعد فيها مرتين ولا يسلم إلا في آخرهن، أو لا يقعد إلا في الآخرة منهن؛ لما رويناه في حديث هشام، إلا أن المستحب أن يفصل بينهما بسلام إن قعد في الثانية؛ لحديث ابن عمر وابن عباس، ولما رويناه عن الصحابة.

فنحن نجيز الوتر على هذه الأوجه التي قد صحت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي رواية الزهري عن عروة عن عائشة، ورواية هشام عن عروة عن عائشة، ورواية ابن أبي عروبة التي أخرجها مسلم في الصحيح، وأما إذا صلاها ثلاثًا وقعد في الثانية فهي قياس حديث سعد بن هشام".

وأما قول ابن عبد البر في التمهيد (٢١/ ٧٢): "فلما اختلفت الآثار عن عائشة في كيفية صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل هذا الاختلاف وتدافعت واضطربت لم يكن في شيء منها حجة على غيره، وقامت الحجة بالحديث الذي لم يختلف في نقله ولا في متنه، وهو حديث ابن عمر، رواه عنه جماعة من التابعين كلهم بمعنى واحد: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلاة الليل مثنى مثنى"، ... ، وقضى حديث ابن عمر بأن رواية من روى عن عائشة في صلاة الليل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسلم منها في كل ركعتين: أصح وأثبت؛ لقوله: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وبالله التوفيق" [انظر: التوضيح (٨/ ١٨٣)].

وقال في الاستذكار (٢/ ١٠٢): "وأهل العلم يقولون: إن الاضطراب عنها في أحاديثها في الحج، وأحاديثها في الرضاع، وأحاديثها في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، وأحاديثها في قصر صلاة المسافر؛ لم يأت ذلك إلا منها -رضي الله عنهما-؛ لأن الذين يروون ذلك عنها حفاظ أثبات: القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، والأسود بن يزيد، ومسروق، ونظراؤهم" [انظر: التوضيح (٩/ ٧٧)].

قلت: الظاهر أن ابن عبد البر قد أخذ هذا القول عن ابن بطال في شرحه على البخاري (٣/ ١٢٨)، والذي أخذه بدوره عن الطحاوي فيما كتبه في شرح المعاني (١/ ٢٧٧ - ٢٩٦) حيث أطال جدًّا في إيراد أحاديث الباب وقد اجتهد في تأويلها، لتوافق مذهب أبي حنيفة وصاحبيه، واضطرب في ذلك كلامه، وفي بعض ما تأوله ما لا يحتمله النص، وقد لمزه البيهقي في كلامه السابق نقله.

ومما يدل على أن أول من قال بنسبة الاضطراب لحديث عائشة قبل ابن عبد البر، ما قاله الطحاوي في شرح المعاني (١/ ٢٨٤): "فقد خالف ما روى هشام ومحمد بن جعفر عن عروة؛ ما روى الزهري من قوله: كان يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة ويسلم بين كل ركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>