للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، ثم فال: "وكلها أحاديث صحاح صريحة لا معارض لها؛ فردت هذه بقوله -صلى الله عليه وسلم- "صلاة الليل مثنى مثنى" وهو حديث صحيح، ولكن الذي قاله هو الذي أوتر بالتسع والسبع والخمس، وسننه كلُّها حق يصدِّق بعضها بعضًا؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أجاب السائل له عن صلاة الليل بأنها مثنى مثنى، ولم يسأله عن الوتر، وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها، وللخمس والسبع والتسع المتصلة، كالمغرب اسم للثلاث المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع والتسع بسلامين كالإحدى عشرة كان الوتر اسمًا للركعة المفصولة وحدها، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صلاة الليل مثنى [مثنى]، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة توتر له ما صلى"، فاتفق فعله -صلى الله عليه وسلم- وقوله، وصدَّق بعضه بعضًا، وكذلك يكون ليس إلا، وإن حصل تناقض فلا بد من أحد أمرين؛ إما أن يكون أحد الحديثين ناسخًا للآخر، أو ليس من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن كان الحديثان من كلامه وليس أحدهما منسوخًا فلا تناقض ولا تضاد هناك ألبتة، وإنما يؤتى من يؤتى هناك من قِبَل فهمه وتحكيمه آراء الرجال وقواعد المذهب على السُّنَّة؛ فيقع الاضطراب والتناقض والاختلاف، والله المستعان".

* ثم قال ابن الملقن في الإعلام (٣/ ٥٤٥): "ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زيدت زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعله -صلى الله عليه وسلم-، وما اختاره لنفسه".

وقال أيضًا في شرح حديث هشام بن عروة في الخمس المتصلة بسلام واحد: "أن هذا الحديث معارض له، أعني حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وهو من باب تعارض القول والفعل، ودلالة الفعل على الجواز قوية، ويبعد معها احتمال التخصيص؛ لأنه لا يصار إليه إلا بدليل".

وقد لخصه من كلام ابن دقيق العيد في الإحكام (١/ ٣١٩)، حيث قال: "واعلم أن محطَّ النظر: هو الموازنة بين الظاهر من قوله عليه السَّلام: "صلاة الليل مثنى مثنى" في دلالته على الحصر، وبين دلالة هذا الفعل على الجواز، والفعل يتطرق إليه الخصوص، إلا أنه بعيدٌ لا يُصار إليه إلا بدليل، فتبقى دلالة الفعل على الجواز معارَضة بدلالة اللفظ على الحصر، ودلالة الفعل على الجواز عندنا أقوى".

* فإن قيل: أليس عندنا نص قوي في خلاف ذلك: وهو ما رواه مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره؛ أنه سأل عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: كيف صلاةُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرةً ركعةً، ... الحديث [أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٧٧/ ٣١٥)، ومن طريقه: البخاري (١١٤٧ و ٢٠١٣ و ٣٥٦٩)، ومسلم (٧٣٨/ ١٢٥)، وتقدم برقم (١٣٤١)]، وما رواه سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي لبيد، سمع أبا سلمة، قال: أتيت عائشة، فقلت: أيْ أمَّه! أخبريني عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>