للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل، منها ركعتا الفجر. [أخرجه مسلم (٧٣٨/ ١٢٧)، وتقدم تحت الحديث رقم (١٣٤٠)].

ففي هذين النصين ما يبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لزم ذلك على الدوام، وأنه لم يكن يزيد على إحدى عشرة ركعة.

* ويؤيده: ما رواه محمد بن جعفر غندر، والنضر بن شميل:

عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: سئلت عائشة عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: ما رأيته كان يفضل ليلة على ليلة.

أخرجه أحمد (٦/ ١٢٧)، وإسحاق (٣/ ٩٣٥/ ١٦٣٧)، [الإتحاف (١٦/ ١٠٠٥/ ٢١٥١٢)، المسند المصنف (٣٧/ ٢٨٦/ ١٧٨٨٨)].

فيقال: الرد على هذا من وجوه:

الأول: أن قول عائشة بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزد في صلاة الليل في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، فهذا هو غاية علمها؛ إذ قد علم غيرها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد زاد على ذلك فصلى ثلاث عشرة ركعة، ولم يعد فيها ركعتي الفجر، وذلك فيما ثبت من حديث زيد بن خالد الجهني، وتقدم تحت الحديث رقم (١٣٢٤).

الثاني: أن عائشة أرادت بقولها هذا ذكر أغلب أحواله -صلى الله عليه وسلم-، وأكثر ما كان يصلي في العادة، وأنه في الغالب ما كان يزيد على إحدى عشرة، ولم تذكر ما كان يصنعه في بعض الأحيان، فلا يمنع من كونه -صلى الله عليه وسلم- صلى أحيانًا ثلاث عشرة ركعة، وتسع ركعات، وسبع ركعات، والله أعلم.

الثالث: أن حديث النخعي عن عائشة حديث ضعيف؛ لا يثبت مثله، لمخالفته الأحاديث الكثيرة عن عائشة في تنويع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاته بالليل، واتيانه فيها بهيئات مختلفة.

وإبراهيم بن يزيد النخعي: دخل على عائشة وهو صغير، ولم يسمع منها شيئًا [المراسيل (١)، جامع التحصيل (١٣)، تحفة التحصيل (١٩)، راجع: الحديث رقم (٢٤٣) من الفضل].

ومغيرة: ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس عن إبراهيم، فحديثه عن إبراهيم مدخول، وقال أحمد بأن عامة ما رواه عن إبراهيمٍ إنما سمعه من غيره [التهذيب (٤/ ١٣٨)، تحفة التحصيل (٣١٣)]، ولم يذكر مغيرة سماعًا من إبراهيم في هذا الحديث؛ فلا يبعد أن يكون سمعه من غيره.

قلت: فالكل صحيح من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في أوقات متعددة، وأحوال مختلفة، حسب النشاط والتيسير، ولتبيين أن كل ذلك جائز، ومما يؤكد هذا المعنى:

ما قاله ابن الملقن في الأعلام بفوائد عمدة الأحكام (٣/ ٥٣٩) في شرح حديث هشام بن عروة في الخمس المتصلة بسلام واحد: "المختار أن: كان من حيث وضعها لا يلزم منها دوام ولا تكرار، فإن دل دليل على ذلك عمل به، ومما استعمل فيه كان للمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>