للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حبان بعد أن ساق حديث مالك بن أنس: "عائذ بالله أن نحتج بخبر رواه مروان بن الحكم وذووه في شيء من كتبنا؛ لأنا لا نستحل الاحتجاج بغير الصحيح من سائر الأخبار، وإن وافق ذلك مذهبنا، ولا نعتمد من المذاهب إلا على المنتزع من الآثار وإن خالف ذلك قول أئمتنا، وأما خبر بسرة الذي ذكرناه: فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة؛ فلم يقنعهم ذلك حتى بعث مروان شرطيًّا له إلى بسرة فسألها ثم أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانيًا عن الشرطي عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلى بسرة فسمع منها؛ فالخبر عن عروة عن بسرة: متصل ليس بمنقطع، وصار مروان والشرطي كأنهما عاريتان يسقطان من الإسناد".

وقال الدارقطني في السنن: "صحيح".

وقال في العلل (١٥/ ٣١٦): "فلما اختلف على هثام بن عروة في إسناد هذا الحديث:

فرواه عنه جماعة من الرُّفعاء الثقات، منهم: أيوب السختياني، ويحيى القطان، ومن قدَّمنا ذكره معهما، فرووه عن هشام، عن أبيه، عن بسرة.

وخالفهم جماعة من الرفعاء الثقات أيضًا، منهم: سفيان الثوري، وهشام بن حسان، وعبد الله بن إدريس، وغيرهم ممن قدَّمنا ذكره معهم، رووه عن هشام، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة.

فلما ورد هذا الاختلاف عن هشام أشكل أمر هذا الحديث، وظن كثير من الناس ممن لم يمعن النظر في الاختلاف أن هذا الخبر غير ثابت لاختلافهم فيه، ولأن الواجب في الحكم أن يكون القول: قول من زاد في الإسناد؛ لأنهم ثقات؛ فزيادتهم مقبولة، فحكم قوم من أهل العلم بضعف الحديث لطعنهم على مروان.

فلما نظرنا في ذلك وبحثنا عنه: وجدنا جماعة من الثقات الحفاظ منهم: شعيب بن إسحاق الدمشقي، وربيعة بن عثمان التيمي، والمنذر بن عبد الله الحزامي، وعنبسة بن عبد الواحد الكوفي، وعلي بن مسهر القاضي الكوفي، وحميد بن الأسود أبو الأسود البصري، وزهير بن معاوية الجعفي، فرووا هذا الحديث عن هشام، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، ذكروا في روايتهم في آخر الحديث، أن عروة قال: ثم لقيت بسرة بعدُ فسالتها عن الحديث، فحدثتني به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما حدثني مروان عنها.

فدل ذلك من رواية هؤلاء النفر على صحة الروايتين الأوليين جميعًا، وزال الاختلاف والحمد لله، وصح الخبر، وثبت أن عروة سمعه من بسرة شافهته به، بعد أن أخبره مروان عنها، وبعد إرساله الشرطي إليها.

ومما يقوي ذلك وبدل على صحته، وأن هشامًا كان يحدث به مرة: عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، عن السماع الأول، عن عروة، وكان يحدث به تارة أخرى: عن أبيه، عن بسرة، على مشافهة عروة لبسرة، وسماعه منها بعد أن سمعه من مروان عنها: ما قدمنا ذكره من رواية ابن جريج، وحماد بن سلمة، وربيعة، وأبي علقمة الفروي، وسعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>