للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصل: فإذا كان أبو حاتم قال فيه: "ليس به بأس"، وقد ثبت عندنا أنه توبع على هذا الإسناد، ولم ينفرد به عن محمد بن كعب القرظي، تابعه: عثمان بن حكيم الأنصاري، ومحمد بن عجلان، وأسامة بن زيد الليثي، ثم إنه قد ثبت فيه سماع محمد بن كعب القرظي من معاوية من طريقين صحيحين، ثم إن مالكًا قد أدخله في موطئه واحتج به، وصححه الدارقطني وابن عبد البر؛ فهذه أدلة قوية تثبت صحة الحديث، واتصال إسناده، والله أعلم.

° وهذا الحديث قد سمعه ابن عجلان أولًا من يزيد بن زياد، ثم استثبته من محمد بن كعب، وسمعه منه، فصار يحدث به عنه، والله أعلم.

وانظر الاختلاف فيه على ابن عجلان: مسائل أبي داود لأحمد (٢٠٣٨)، والطحاوي في شرح المشكل (٤/ ٣٩١/ ١٦٩٠)، والدارقطني في العلل (٧/ ٦٠/ ١٢١١)، ثم قال: "وكذلك رواه مالك عن يزيد بن زياد، وكذلك رواه عثمان بن حكيم، وأسامة بن زيد، عن محمد بن كعب، عن معاوية، وهو صحيح".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٣/ ٧٨): "وهذا حديث مسند صحيح، وإن كان ظاهره في هذا الإسناد الانقطاع، وقد سمع ذلك محمد بن كعب من معاوية، ذكر ذلك بعض رواة مالك عن مالك، وهو محفوظ أيضًا من غير طريق مالك".

ثم قال: "لم تختلف الرواية - والله أعلم - في هذا الحديث عن محمد بن كعب عن معاوية أنه سمع هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي رواية أهل المدينة، وأما أهل العراق فيروون أن المغيرة بن شعبة كتب بهذا الحديث إلى معاوية، والله أعلم.

وقد يجوز أن يكون قوله: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" سمعه معاوية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه؛ لأن ذلك ليس في حديث المغيرة، وسائره في حديث المغيرة، وعلى هذا التخريج تصح الأحاديث في ذلك؛ لأنها منقولة بأسانيد صحاح، والحمد لله".

وقال في الاستذكار (٨/ ٢٦٩): "هذا حديث صحيح، وإن كان ظاهره من رواية مالك في الموطأ الانقطاع، فقد روي عن مالك من سماع محمد بن كعب القرظي له من معاوية، وروي من غير طريق مالك أيضًا".

ثم قال: "وظاهر حديث مالك هذا أن معاوية سمع الحديث كله من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى أهل العراق من الطرق الصحاح أن معاوية كتب إلى المغيرة بن شعبة ... "، فذكر الحديث ثم قال: "وقد ذكرنا كثيرًا من طرقه في التمهيد، وليس في شيء منها: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، فدل ذلك أن معاوية لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قوله: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، فهذه الكلمات هي التي سمعها معاوية من النبي - صلى الله عليه وسلم - على أعواد منبره، لا ما قبل هذه الكلمات من حديثه في هذا الباب، والله أعلم "أوانظر أيضًا: المسالك لابن العربي (٧/ ٢٣٦)].

قلت: وقد يجوز أيضًا: أن معاوية سمع هذا القدر المذكور في حديثه، وهو الشطر

<<  <  ج: ص:  >  >>