للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤]

وقد يطلُع علينا مَنْ يقول: لقد دفعتُ بالتي هي أحسن، ومع ذلك لا يزال عدوي قائماً على عداوتي، ولم أكسب محبته. نقول له: أنت ظننتَ أنك دفعتَ بالتي هي أحسن، ولكن الواقع غير ذلك، إنك تحاول أنْ تُجرِّب مع الله، والتجربة مع الله شَكٌّ، فادفع بالتي هي أحسن من غير تجربة، وسوف يتحول العدو أمامك إلى صديق.

وما أروعَ قول الشاعر:

يَا مَنْ تُضَايِقُه الفِعَالُ مِنَ التيِ ومِنَ الذِي ... ادْفَع فَدَيْتُك بالتِي حتَّى تَرَى فَإذَا الذِي

لكن، لماذا نقول التي هي أحسن؟

لأن الشيطان ينزغ بينكم: {إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ. .} [الإسراء: ٥٣] والنزْغ هو نَخْس الشيطان ووسوسته، وقد قال تعالى في آية أخرى: {وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله} [الأعراف: ٢٠٠]

فإن كنْت مُنتبِهاً له، عارفاً بحيله فذكرتَ الله عند نَخْسه ونَزْعه انصرف عنك، وذهب إلى غيرك؛ لذلك يقول تعالى عن الشيطان: {مِن شَرِّ الوسواس الخناس} [الناس: ٤] أي: الذي يخنس ويختفي إذا ذُكِرَ الله، لكن إذا رأى منك ضعفاً وغفلة ومرَّتْ عليك حِيَلُة،

<<  <  ج: ص:  >  >>