الأشياء، على عكس الشرير تراه يُهدد بأهونِ الأشياء، ثم يتصاعد إلى أعنف ما يكون.
انظر إلى قوْل إخوة يوسف:{اقتلوا يُوسُفَ أَوِ اطرحوه أَرْضاً}[يوسف: ٩] فقال الآخر وكان أميل إلى الرفق به: {وَأَلْقُوهُ فِي غيابت الجب}[يوسف: ١٠] وقد اقترح هذا الاقتراح وفي نيته النجاة لأخيه، بدليل قوله تعالى:{يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة}[يوسف: ١٠]
وهكذا تضاءل الشر في نفوسهم.
ثم يقول تعالى:{إِنَّ الشيطان كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً}[الإسراء: ٥٣]
أي: أن عداوة الشيطان لكم قديمة منذ أبيكم آدم عليه السلام فهي عداوة مسبقة، قال عنها الحق سبحانه:{إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى}[طه: ١١٧]
لذلك يجب على الأب كما يُعلِّم ابنه علوم الحياة ووسائلها أنْ يُعلّمه قصة العداوة الأولى بين الشيطان وآدم عليه السلام ويُعلمه أن خواطر الخير من الله وخواطر الشر من الشيطان، فليكُنْ على حَذَر من خواطره ووساوسه، وبذلك يُربِّي في ابنه مناعة إيمانية، فيحذر كيد الشيطان ونَزْغه، ويعلم أن كل أمر يخالف أوامر الشرع فهو من الشيطان، وهذه التربية من الآباء تحتاج إلى إلحاح بها على الأبناء حتى ترسخ في أذهانهم.
فقوله تعالى:{إِنَّ الشيطان كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً}[الإسراء: ٥٣] أي: كان ولا يزال. وإلى يوم القيامة بدليل قوله:{لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً}[الإسراء: ٦٢]
أي: لأتعهّدنّهم بالإضلال والغواية إلى يوم القيامة.