عن عِلْمِه تعالى، لأن الإحاطة تعني الإلمام بالشيء من كُلّ ناحية.
وما دام الأمر كذلك فاطمئن يا محمد، كما نقول في المثل (حُط في بطنك بطيخة صيفي) ، واعلم أنهم لن ينالوا منك لا جهرة ولا تبيتاً، ولا استعانة بالجنس الخفي (الجن) ؛ لأن الله محيط بهم، وسيبطل سَعْيَهم، ويجعل كَيْدهم في نحورهم.
لذلك لما تحدَّى الحق سبحانه وتعالى الكفار بالقرآن تحدَّى الجن أيضاً، فقال:{قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرآن لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}[الإسراء: ٨٨]
ففي هذا الوقت كان يشيع بين العرب أن كل نابغة في أمر من الأمور له شيطان يُلهمه، وكانوا يدَّعُون أن هذه الشياطين تسكن وادياً يسمى «وادي عبقر» في الجزيرة العربية، فتحدّاهم القرآن أنْ يأتوا بالشياطين التي تُلهمهم.
وهكذا يُطمئن الحق سبحانه وتعالى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأنه يحيط بالناس جميعاً، ويعلم كل حركاتهم ظاهرة أو خفيّة من جنس ظاهر أو من جنس خفيّ، وباطمئنان رسول الله تشيع الطمأنينة في نفوس المؤمنين.
وهذا من قيوميته تعالى في الكون، وبهذه القيومية نردُّ على الفلاسفة الذين قالوا بأن الخالق سبحانه زاول سلطانه في الكون مرة واحدة، فخلق النواميس، وهي التي تعمل في الكون، وهي التي تُسيّره.
والرد على هذه المقولة بسيط، فلو كانت النواميس هي التي