تُسيِّر في الكون ما رأينا في الكون شذوذاً عن الناموس العام؛ لأن الأمر الميكانيكي لا يحدث خروجاً عن القاعدة، إذن: فحدوث الشذوذ دليل القدرة التي تتحكم وتستطيع أن تخرق الناموس.
ومثال ذلك: النار التي أشعلوها لحرق نبي الله وخليله إبراهيم عليه السلام فهل كان حظ الإيمان أو الإسلام في أن ينجو إبراهيم من النار؟
لا. . لم يكن الهدف نجاة إبراهيم عليه السلام، وإلا لما مكَّنهم الله من الإمساك به، أو سخر سحابة تطفئ النار، ولكن أراد سبحانه أن يُظهر لهم آية من آياته في خَرْق الناموس، فمكّنهم من إشعال النار ومكّنَهم من إبراهيم حتى ألقوْه في النار، ورأَوْهُ في وسطها، ولم يَعُدْ لهم حجة، وهنا تدخلت القدرة الإلهية لتسلب النار خاصية الإحراق:{قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء: ٦٩]
إذن: فالناموس ليس مخلوقاً ليعمل مطلقاً، وما حدث ليس طلاقة ناموس، بل طلاقة قدرة للخالق سبحانه وتعالى.
فكأن الحق سبحانه يريد أنْ يُسلِّي رسوله ويُؤْنِسه بمدد الله له دائماً، ولا يفزعه أن يقوم قومه بمصادمته واضطهاده، ويريد كذلك أنْ يُطمئن المؤمنين ويُبشِّرهم بأنهم على الحق.
وقوله تعالى:{أَحَاطَ بالناس. .}[الإسراء: ٦٠]
الإحاطة تقتضي العلم بهم والقدرة عليهم، فلن يُفلتوا من علم الله ولا من قدرته، ولا بُدَّ من العلم مع القدرة؛ لأنك قد تعلم شيئاً