ضاراً ولكنك لا تقدر على دَفْعه، فالعلم وحده لا يكفي، بل لا بُدَّ له من قدرة على التنفيذ، إذن: فإحاطته سبحانه بالناس تعني أنه سبحانه يُعلِّمهم ويقدر على تنفيذ أمره فيهم.
كلمة (الناس) تُطلَق إطلاقاتٍ متعددة، فقد يراد بها الخلْق جميعاً من آدم إلى قيام الساعة، كما في قوله الحق تبارك وتعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس مَلِكِ الناس إله الناس مِن شَرِّ الوسواس الخناس الذى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس مِنَ الجنة والناس}[الناس: ١ - ٦]
وقد يُراد بها بعض الخَلْق دون بعض، كما في قوله تعالى:{أَمْ يَحْسُدُونَ الناس على مَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ}[النساء: ٥٤]
فالمراد بالناس هنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين قال عنه كفار مكة:{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ}[الزخرف: ٣١]
وكما في قوله تعالى:{الذين قَالَ لَهُمُ الناس إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم. .}[آل عمران: ١٧٣] فهؤلاء غير هؤلاء.
وقد وقف العلماء عند كلمة الناس في الآية:{إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس. .}[الإسراء: ٦٠] وقصروها على الكافرين الذين يقفون من رسول الله موقف العداء، لكن لا مانع أن نأخذ هذه الكلمة على عمومها، فُيَراد بها أحاط بالمؤمنين، وعلى رأسهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأحاط بالكافرين وعلى رأسهم صناديد الكفر في مكة.