للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك فالإحاطة هنا ليست واحدة، فلكل منهما إحاطة تناسبه، فإنْ كنتَ تريد الإحاطة بالمؤمنين وعلى رأسهم رسول الله فهي إحاطة عناية وحماية حتى لا ينالهم أذى، وإنْ أردتَ بها الكافرين فهي إحاطة حصار لا يُفلِتون منه ولا ينفكُّون عنه، وهذه الإحاطة لها نظير، وهذه لها نظير.

فنظير الإحاطة بالكافرين قوله تعالى: {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ الموج مِن كُلِّ مَكَانٍ وظنوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: ٢٢]

أي: حُوصِروا وضُيِّق عليهم فلا يجدون منفذاً.

ونظير الإحاطة بالمؤمنين وعلى رأسهم رسول الله قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون} [الصافات: ١٧١ - ١٧٢]

فالحق سبحانه محيط بالمؤمنين وبرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إحاطة عناية، وكأنه يقول له: امْضِ إلى شأنك وإلى مهمتك، ولن يُضيرك ما يُدبِّرون.

لذلك كان المؤمنون في أَوْج فترات الاضطهاد والقسوة من الكفار في وقت كل المؤمنون غير قادرين حتى على حماية أنفسهم ينزل قول الحق تبارك وتعالى: {سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} [القمر: ٤٥]

حتى أن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه الذي جاء القرآن على وَفْق رأيه يقول: أيّ جَمْع هذا؟! ويتعجب، كيف سنهزم هؤلاء ونحن غير قادرين على حماية أنفسنا وهذه تسلية لرسول الله وتبشير

<<  <  ج: ص:  >  >>