فهِم البعض منها أن إبليس كان من الملائكة، ونحن نعذر أصحاب هذا الفهم لو عزلنا هذه الآية عن بقية الآيات التي تحدثتْ عن هذه القضية، لكن طالما نتكلم في موضوع عام مثل هذا، فيجب استحضار جميع الآيات الواردة فيه لتتضح لنا الصورة كاملة.
فإذا كان دليل أصحاب هذا القول: الالتزام بأن الله قال: {فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ. .}[الإسراء: ٦١]
وقد كان الأمر للملائكة فهو منهم، سوف نُسلِّم لهم جدلاً بصحة قولهم، لكن ماذا يقولون في قَوْل الحق سبحانه في القرآن الذي أخذوا منه حجتهم:{فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ. .}[الكهف: ٥٠]
فإنْ كان دليلكم الالتزام، فدليلنا نصٌّ صريح في أنه من الجن، فإنْ قال قائل: كيف يكون من الجن ويُؤاخَذ على أنه لم يسجد؟
نقول: إبليس من الجن بالنصِّ الصريح للقرآن الكريم، لكن الحق سبحانه وتعالى آخذه على عدم السجود لآدم واعتبره من الملائكة؛ لأنه كان مطيعاً عن اختيار، والملائكة مطيعون عن جِبلَّة وعن طبيعة.
فبذلك كانت منزلة إبليس أعلى من منزلة الملائكة، لأنه مختار أن يطيع أو أن يعصي، لكنه أطاع مع قدرته على العصيان فأصبح جليس الملائكة، بل طاووس الملائكة الذي يزهو عليهم ويتباهى