للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد أحضر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الرجل وقال له: «إما أن تهبَ له هذه النخلة، وإما أنْ تبيعها له، وإما قطعناها» .

أليس ذلك من الحق الذي سبق به الإسلام؟ وأليس دليلاً على استيعاب شرع الله لكل كبيرة وصغيرة في حياة الناس؟

أَضِفْ إلى ذلك ما قاله بعض العلماء من أهل الإشراقات في معنى: {وبالحق نَزَلَ} أي: وعلى الحق الذي هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نزل القرآن كما تقول: ذهبت إلى القاهرة ونزلت بفلان. أي: نزلت عنده أو عليه.

ثم يقول تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الإسراء: ١٠٥]

والبشارة تكون بالخير، والنذارة تكون بالشر، ويُشترط في التبشير والإنذار أن تُعطَى للمبشَّر أو للمُنْذَر فرصة يراجع فيها نفسه، ويُعدّل من سلوكه، وإلا فلا فائدة، ولا جدوى منهما، فتُبشّر بالجنة وتُنذَر بالنار في مُتَّسَع من الوقت ليتمكن هذا من العمل للجنة، ويتمكن هذا من الإقلاع عن سبيل النار.

ومثال ذلك: أنك تُبشِّر ولدك بالنجاح والمستقبل الباهر إن اجتهد، وتحذره من الفشل إن أهمل، وهذا بالطبع لا يكون ليلة الامتحان، بل في مُتَّسَع أمامه من الوقت لينفذ ما تريد.

والحق سبحانه وتعالى هنا يخبر رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بحقيقة مهمته كرسول عليه البلاغ بالبشارة والنذارة، فلا يُحمِّل نفسه فوق طاقتها؛ لأنه ليس مُلْزَماً بإيمان القوم، كما قال تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً}

[الكهف: ٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>