وكلها صادرة عن الله الحكيم، فلا بُدَّ أنْ يكون اختلاف الجواب في كل سؤال له مَلْحظ، ومن هذه الأسئلة ما جاء من الخصوم، ومنها ما سأله المؤمنون، السؤال من المؤمنين لرسول الله وقد نهاهم أنْ يسألوه حتى يهدأوا إلحاحٌ منهم في معرفة تصرُّفاتهم وإنْ كانت في الجاهلية، إلا أنهم يريدون أنْ يعرفوا رأي الإسلام فيها، فكأنهم نَسُوا عادات الجاهلية ويرغبون في أن تُشرَّع كل أمورهم على وَفْق الإسلام.
وبتأمّل الإجابة على هذه الأسئلة تجد منها واحدةً يأتي الجواب مباشرة دون {قُلْ} وهي في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع. .}[البقرة: ١٨٦] وواحدة وردتْ مقرونة بالفاء {فَقُلْ} وهي قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً. .}[طه: ١٠٥]
وباقي الأسئلة وردت الإجابة عليها بالفعل {قُلْ} ، فما الحكمة في اقتران الفعل بالفاء في هذه الآية دون غيرها؟
قالوا: حين يقول الحق سبحانه في الجواب {قُلْ} فهذه إجابة على سؤال سُئِلَهُ رسول الله بالفعل، أي: حدث فعلاً منهم، أما الفاء فقد أتتْ في الجواب على سؤال لم يُسأله، ولكنه سيُسأله مستقبلاً.
فقوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال. .}[طه: ١٠٥] سؤال لم يحدث بَعْد، فالمعنى: إذا سألوك فَقُلْ، وكأنه احتياط لجواب عن سؤال سيقع.
فإذا قُلْتَ: فما الحكمة في أنْ يأتي الجواب في قوله تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ. .}[البقرة: ١٨٦] خالياً من: قُلْ أو فَقُلْ: مع أن {إِذَا} تقتضي الفاء في جوابها؟
نقول: لأن السؤال هنا عن الله تعالى، ويريد سبحانه وتعالى أنْ يُجيبهم عليه بانتفاء الواسطة من أحد؛ لذلك تأتي الإجابة