فقوله:{أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ}[مريم: ٨] ؟ سؤال عن الكيفية، كما أن إبراهيم عليه السلام لما قال له ربه:{أَوَلَمْ تُؤْمِن}[البقرة: ٢٦٠] ؟ أي: بقدرتي على إحياء الموتى، قال (بَلَى) أي: نعم أومن {وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠] أي: الكيفية التي يتم بها الإحياء.
أو: أن زكريا عليه السلام بقوله: {أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ}[مريم: ٨] يريد أن يُوثِّق هذه البشرى ويُسجِّلها، كما تَعِد ولدك بأنْ تشتري له هدية فيُلِحّ عليك في هذه المسألة ليؤكد وَعْدك له، ويستلذ بأنه وَعْد مُحقَّق لا شكَّ فيه، ثم يذكر زكريا حيثيات تعجُّبه من هذا الأمر فيقول:
عتياً: من عَتَا يعني طغى وتجبر وأفسد كثيراً، والعُتُو: الكفر، والعَتيّ: هو القوي الذي لا يُغالب؛ لذلك وصف الكِبَر الذي هو رمز للضعف بأنه عَتِيّ؛ لأن ضعف الشيب والشيخوخة ضَعْف لا يقدر أحد على مقاومته، أو دفعه أبداً، مهما احتال عليه بالأدوية والعقاقير (والفيتامينات) .
ويبدو أن مسألة الولد هذه كانت تشغل زكريا عليه السلام؛ وتُلِح عليه؛ لأنه دعا الله كثيراً أنْ يرزقه الولد، ففي موضع آخر يقول:{رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين}[الأنبياء: ٨٩] . فزكريا عليه السلام يريد الولد الذي يَرِثه وهو موروث؛ لأن الله تعالى خير الوارثين.