أي: تكلَّف أنْ يسمع، وتعمَّد أن يوجه جهاز الراديو أو التلفزيون إلى هذا الغناء، ولم يقُل: سمع، وإلاّ فالجميع يناله من هذا الشر رَغْماً عنه.
وهنا قال تعالى:(فَاسْتَمِعْ) ولم يقُلْ: تسمَّع: لأنه لا يقترح على الله تعالى أنْ يتكلم، ومعنى: استمع أي: جَنِّد كلَّ جوارحك، وهيىء كُلَّ حواسّك لأن تسمع، فإنْ كانت الأذن للسمع، فهناك حواسّ أخرى يمكن أنْ تشغلها عن الانتباه، فالعين تبصر، والأنف يشمّ، واللسان يتكلم.
فعليك أنْ تُجنِّد كل الحواسّ لكي تسمع، وتستحضر قلبك لتعي ما تسمعه، وتنفذ ما طلب منك؛ لذلك حين تخاطب صاحبك فتجده مُنْشغِلاً عنك تقول: كأنك لست معنا. لماذا؟ لأن جارحة من جوارحه شردتْ، فشغلتْه عن السماع.
وقوله تعالى:{لِمَا يوحى}[طه: ١٣] الوحي عموماً: إعلام بخفاء من أيٍّ لأيٍّ في أيٍّ، خيراً كان أم شراً، أمّا الوحي الشرعي فهو: إعلام من الله إلى رسول أرسله بمنهج خَيْر للعباد، فإنْ كان الوحي من الله إلى أم موسى مثلاً، أو إلى الحواريين فليس هذا من الوحي الشرعي.
وهكذا تحدَّدَتْ من أيٍّ لأيٍّ في أيٍّ.
لكن، كيف ينزل الوحي من الله تعالى على الرسول؟ كيف تلتقى الألوهية في عُلُوِّها بالبشرية في دُنوها؟ إذن: لا بُدَّ من واسطة؛ لذلك قال تعالى:{الله يَصْطَفِي مِنَ الملائكة رُسُلاً وَمِنَ الناس}[الحج: ٧٥] .