الرسل» وقال {تِلْكَ الرسل} ؟ ذلك ليدلك القرآن الكريم على أن الرسل مهما اختلفوا فهم مرسلون من قبل إله واحد وبمنهج واحد. وكما عرفنا من قبل أن الإشارة ب «تلك» هي إشارة لأمر بعيد. فعندما نشير إلى شيء قريب فإننا نقول:«ذا» ، وعندما نستخدم صيغة الإشارة مع الخطاب نقول:«ذاك» . وعندما نشير إلى مؤنث فنقول:«ت» وعندما نشير إلى خطاب مؤنث: «تيك» . و «اللام» كما عرفنا هنا للبعد أو للمنزلة العالية.
إذن فقوله الحق:{تِلْكَ الرسل} هو إشارة إلى الرسل الذين يعلمهم سيدنا محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، أو الرسل الذين تقدموا في السياق القرآني. والسياق القرآني الذي تقدم تحدث عن موسى عليه السلام، وعن عيسى عليه السلام، وتكلم السياق عن أولي العزم من الرسل.
إن أردت الترتيب القرآني هنا، فهو يشير إلى الذي تقدم في هذه السورة، وإن أردت ترتيب النزول تكون الإشارة إلى من عَلِمَهُ الرسول من الرسل السابقين، والمناسبة هنا أن الحق قد ختم الآية السابقة بقوله هناك:{وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} ، ولما كانت {وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} تفيد بعضيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لكلية عامة، كأنه يقول: إياكم أن تظنوا أنهم ماداموا قد اتفقوا في أنهم مرسلون أو أنهم رسل الله، أنهم أيضا متساوون في المنزلة، لا، بل كل واحد منهم له منزلته العامة في الفضلية والخاصة في التفضيل. إنهم جميعا W رسل من عند الله، ولكن الحق يعطي كل واحد منهم منزل خاصة في التفضيل.
فلماذا كان قول الله:{وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} يؤكد لنا أن سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من بين الرسل فلا تأخذ هذا الأمر على أساس أن كل الرسل متساوون في المكانة، وتقول إنهم متماثلون في الفضل. لا. إن الله قد فضل بعضهم على بعض.
وما هو التفضيل؟
إن التفضيل هو أن تأتي للغير وتعطيه ميزة، وعندما تعطي له مزية عمن سواه قد