خذ مثلاً الأذن، وكيف هي محكمة التركيب مناسبة لتلقي الأصوات، ففي الأذن من الخارج تجاعيد وتعاريج تتلقى الأصوات العالية، فتُخفّف من حِدّتها حتى تصل إلى الطبلة الرقيقة هادئة، وإلاَّ خرقتها الأصوات وأصَمّتها، وكذلك جعلها لله لِصدِّ الرياح حتى إذا هبت لم تجد الأذن هكذا عارية فتؤذيها.
وكذلك العَيْن، كم بها من آيات لله، فقد خلقها الله بقدر، من هذه الآيات أن حرارتها إنْ زادت عن ١٢ درجة تفسد، وأرنبة الأنف إنْ زادت عن ٩ درجات لا تؤدي مهمتها، مع أن في الجسم عضواً حرارته ٤٠ درجة هو الكبد، والحرارة الكلية للإنسان ٣٧ درجة، تكون ثابتة في المناطق الباردة حيث الجليد كما هي في المناطق الحارة، لا ترتفع ولا تنخفض إلا لعِلَّة أو آفة في الجسم.
إذن: كل شيء في الوجود خلقه الله بقدر وحكمة وكيفية لأداء مهمته، كما قال في آية أخرى:{الذي خَلَقَ فسوى والذي قَدَّرَ فهدى}[الأعلى: ٢٣] .
اللسان مثلاً جعل الله به حَلَمات متعددة، كل واحدة منها تتذوّق طَعْماً معيناً، فواحدة للحلو، وواحدة للمُرِّ، وواحدة للحريف، وهكذا، وجميعها في هذه المساحة الضيقة متجاورة ومتلاصقة بقَدْر دقيق ومُعْجز.
الأنف وما فيه من مادة مُخاطية عالقة لا تسيل منك، وشعيرات دقيقة، ذلك لكي يحدث لهواء الشهيق عملية تصفية وتكييف قبل أن يصل إلى الرئتين؛ لذلك لا ينبغي أنْ نقصَّ الشعيرات التي بداخل الأنف؛ لأن لها مهمة.
عضلة القلب وما تحتويه من أُذَيْن وبُطَيْن، ومداخل للدم،