للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومخارج محكمة دقيقة تعمل ميكانيكياً، ولا تتوقف ولا تتعطل لمدة ١٤٠ أو ١٢٠ سنة، تعمل تلقائياً حتى وأنت نائم، فأيّ آلة يمكن أنْ تُؤدِّي هذه المهمة؟

والحق سبحانه وتعالى عندما أرسل موسى وهارون بآية دالة على صدقهما إلى فرعون كانت مهمتهما الأساسية أَخْذ بني إسرائيل، وإنقاذهم من طغيان فرعون، وجاءت المسألة الإيمانية تبعية، أما أصل مهمة موسى فكان: {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ} [طه: ٤٧] .

والحق سبحانه حين يعرض قضية الإيمان يعرضها مبدوءة بالدليل دليل البدء الذي جاء في قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} [طه: ٥٠] لأن، فرعون الذي ادعى الألوهية لا بُدَّ أن يكون له مألوهون، وهم خَلْق مثله، وهو يعتزّ بملكه وماله من أرض مصر ونيلها وخيراتها حتى قال:

{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتي} [الزخرف: ٥١] .

فأراد الحق سبحانه وتعالى أنْ يرد عليه: ألَكَ شيء في خَلْق هؤلاء المألوهين لك؟

وما أشبهَ موقف فرعون أمام هذه الحجة بموقف النمروذ أمام نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما قال له: {رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨] .

فلم يجد النمروذ إلا الجدل والسفسطة، فلجأ إلى حيلة المفلسين، وجاء برجلين فقال: أنا أحكم على هذا بالموت وأعفو عن هذا؛ لذلك لما أحسَّ إبراهيم عليه السلام منه المراوغة والجدال نقله إلى مسألة لا يستطيع منها فكاكاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>