منها، حدث ذلك؛ لأن هناك تجارب وصلتنا بأن النعناع لا يُستساغ طعمه مطبوخا.
وأنت لو نظرت إلى أي شيء تستفيد به اليوم، وقدرت الأعمال التي تداولته من يوم أن وُجد، ستجد أن الحق قد قدر لكل إنسان عملاً ومجالاً، وظل يخدمك أنت. ومادمت قد خُدمتَ بهؤلاء الناس كلهم من أول آدم وحتى اليوم، فلا بد أن تنظر لترى ماذا ستقدم لمن يأتي من بعدك، فلا تكن كسولاً في الحياة؛ تأخذ خير غيرك كله في الوجود، وبعد ذلك لا تعطي أي شيء، بل لابد أن يكون لك عطاء، فكما أخذت من بيئتك لابد أن تعطي هذه البيئة، ولو لم يوجد هذا لما ارتقت الحياة؛ لأن معنى ارتقاء الحياة أن إنساناً أخذ خبرة من سبقوه، وحاول أن يزيد عليها، أي أن يأخذ أكبر ثمرة بأقل مجهود.
فلو قدر الناس جهد الإنسان الذي ابتكر «العجلة» مثلا التي تسير عليها السيارة لكان عليهم أن يستغفروا الله له بمقدار ما أراحهم، فبعد أن كان الإنسان يحمل على أكتافه قصارى ما يحمل، وَفَّر عليه مَن اختراع هذا أن يحمل ويتعب، وجعله يحمل أكبر كمية وينقلها بأقل مجهود.
إذن لابد أن تنظر إلى النعم التي تستفيد بها الآن وترى كم مرحلة مرت بها، وهل صنعها الناس هكذا أم تعبوا وكدوا واجتهدوا منذ بدء الوجود على الأرض، وعرف الإنسان جيلا بعد جيل كيفية تطوير تلك الأشياء، وقد يحدث خطأ في مرحلة معينة فيبدأ الإصلاح أو التحسين وهكذا. فأنت عندما تجد أن العالم قدم لك كل هذه المنتجات، لابد أن تسأل نفسك: ما الذي ستقدمه أنت لهذا العالم، وبذلك تظل الحلقة الإنسانية مرتقية ومتصلة.
والحق سبحانه يرسل الرسل ويضع المنهج:«افعل كذا» و «لا تفعل كذا» ، حتى تستقيم حياة الناس على الأرض، لكن الناس غلبت عليهم الغفلة عن أمر المنهج؛ ولذلك تظهر في الوجود فسادات بقدر الغفلة، وعندما يزداد الفساد يبعث الحق سبحانه رسولا جديدا يذكرهم بالمنهج مرة أخرى، وعندما يأتي الرسول