تسعى، وضرب بها البحر فانفلق فصار ما تحت العصا طريقاً يابساً، وما حولها جبالاً {كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم}[الشعراء: ٦٣] وهي التي ضرب بها الحجر فانبجس منه الماء.
والسياق هنا لم يذكر شيئاً عن الحوار الذي دار بين موسى وقومه حينما وقعوا في هذه الضائقة، لكن جاء في لقطة أخرى من القصة حيث قال تعالى:{فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان قَالَ أَصْحَابُ موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء: ٦١٦٢] .
وبتعدد اللقطات في القرآن تكتمل الصورة العامة للقصة، وليس في ذلك تكرار كما يتوهّم البعض.
فقبل أنْ يُوحِي إليه:{فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً فِي البحر يَبَساً}[طه: ٧٧] قال القوم: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: ٦١] فقال: (كَلاّ) . لكن كيف يقولها قَوْلة الواثق وما يخافون منه محتمل أنْ يقع بعد لحظة؟
نقول: لأنه لم يقل (كَلاَّ) من عنده، لم يَقُلها بقانون البشر، إنما بقانون خالق البشر {كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء: ٦٢] فأنا لا أغالطكم، ولسْتُ بمعزل عن السماء وتوجيه ربي.
ثم يقول الحق سبحانه:{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ... }