للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يُبيِّن الحق سبحانه حكمة القَصَص في القرآن، والقَصَص لون من التاريخ، وليس مطلق التاريخ، القصص تاريخ لشيء مشهود يهمني وتفيدني معرفته، وإلا فمن التاريخ أن نقول: كان في مكان كذا رجل يبيع كذا، وكان يفعل كذا أو كذا.

إذن: فالقصص حدث بارز، وله تأثيره فيمَنْ سمعه، وبه تحدث الموعظة، ومنه تؤخذ العبرة.

والتاريخ هو ربط الأحداث بأزمنتها، فحين تربط أيَّ حدث بزمنه فقد أرَّخْتَ له، فإذا كان حَدَثاً متميزاً نسميه قصة تُروَى، فإنْ كانت قصة شهيرة تعلو على القصص كله نسميها سيرة، لذلك خُصَّ باسم السيرة تاريخ قصة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن القَصَص شيء مميز، أما السيرة فهي أميز، ورسول الله خاتم الأنبياء؛ لذلك نقول عن تاريخه سيرة ولا نقول قصة؛ لأن واقعه في الحياة كان سَيْراً على منهج الله، وعليه نزل القرآن، وكان خُلقه القرآن.

والقصص يأتي مرة بالحدث، ثم تدور حوله الأشخاص، أو يأتي بشخصية واحدة تدور حولها الأحداث، فإذا أردتَ أن تؤرخ للثورة العرابية مثلاً وضعت الحدث أولاً، ثم ذكرتَ الأشخاص التي تدور حوله، فإنْ أردتَ التأريخ لشخصية عرابي وضعت الشخصية أولاً، ثم أدرت حولها الأحداث.

وقَصص القرآن يختلف عن غيره من الحكايات والقصص التي نسمعها ونحكيها من وضع البشر وتأليفهم، فهي قصص مُخْتَرعة تُبنى على عُقْدة وَحلِّها، فيأخذ القاصُّ حدثاً، ثم ينسخ حوله أحداثاً من خياله.

<<  <  ج: ص:  >  >>