ماله، يفعل فيه ما يشاء دون خِبْرة ودون تجربة، إنما تختبره وتَشْركه في خِضَمِّ الحياة ومعتركها، فيشبّ مُتمرِّساً قادراً على التصرف السليم.
وفي آية أخرى قال تعالى:{وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ ... }[النساء: ٥] لأنهم إن بلغوا الرشْد البدنيّ فلم يبلغوا الرُّشد العقلي، وإياك أن تقول: هو ماله يتصرف فيه كما يشاء، فليس للسفيه مال بدليل:{وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ ... }[النساء: ٥] ولم يقُلْ: أموالهم، فهو مالُكَ تحافظ عليه كأنه لك، وأنت مسئول عنه أمام الله، ولا يكون مال السَّفيه له إلا إذا أحسنَ التصرف فيه.
ومن الرُّشْد ما سماه القرآن الأشُدّ:{حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أوزعني أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ ... }[الأحقاف: ١٥] .
والأشُدُّ هو: التسامي في الرُّشْد وقال هنا (أربعين سنة) مع أننا ذكرنا أن الإنسان يبلغ رُشْد البِنْية ورُشْد العقل بعد سِنَِّ البلوغ في الخامسة عشرة تقريباً، إذن: مَنْ لم يرشُدْ حتى الأربعين فلا أملَ فيه، والنار أَوْلَى به؛ لأنه حين يكفر أو ينحرف عن الطريق في عنفوانه شبابه وقوته نقول: شراسة الشباب والشهوة والمراهقة، إلى آخر هذه الأعذار فإذا ما بلغ الأربعين فما عذره؟
وإذا لم يتلقَّ مبادئ الرُّشْد في صِغَره وفي شبابه، فلا شَكَّ أنه سيجد في أحداث الحياة طوال أربعين سنة واقعاً يُرشده قَهْراً عنه،