التل، وهو المكان المرتفع من الأرض، و {لِلْجَبِينِ}[الصافات: ١٠٣] يعني: جعل جبهته مباشرة للأرض، بحيث يذبحه من قفاه، وهذا هو الذَّبْح العاجل المثمر.
{وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ ... }[الصافات: ١٠٤ - ١٠٥] وما دُمْتَ صدّقْتَ الرؤيا، فلكَ جزاء الإحسان؛ لأنك أسرعتَ بالتنفيذ مع أنها رؤيا، كان يمكنه أن يتراخى في تنفيذها، لكنه بمجرد أن جاء الأمر قام وولده بتنفيذه.
إذن: الحق سبحانه لا يريد من عبده إلا أنْ يُسلِّم بقضائه، وصدق القائل:
سَلِّم لربِّكَ حُكْمَهُ فلحكمةٍ يَقْضِي ... هـ حتى تستريح وتنْعماً
واذْكُرْ خليلَ اللهِ في ذَبْحِ ابنهِ ... إذ قال خالقه فلما أسلمَا
لذلك لا يرفع الله قضاءٌ يقضيه على خلقه إلا إذا رُضيَ به، فلا أحدَ يجبر الله على شيء، وضربنا لذلك مثلاً - ولله المثَل الأعلى - بالأب حين يدخل، فيجد ولده على أمر يكرهه، فيزجره أو يضربه ضربة خفيفة، تُعبِّر عن غضبه، فإنْ خضع الولد لأبيه واستكان عاد الوالد عطوفاً حانياً عليه وربما احتضنه وصالحه، أمّا لو عارض الولد وتبجَّح في وجه والده فإنه يشتد عليه ويُضاعِف له العقوبة، وتزداد قسوته عليه.
وهكذا الحال مع إبراهيم {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: ١٠٧] ففدينا له إسماعيل، ليس هذا وفقط بل {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ ... }[الصافات: ١١٢] ثم زاده بأنْ جعل إسحق أيضاً نبياً مثل إسماعيل، هذه هي مناسبة الكلام عن إسحق ويعقوب.