للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وها هو الهدهد يقول لسليمان عليه السلام لما تفقَّد الطير، ولم يجد الهدهد فتوعَّده: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: ٢٢] .

ونلحظ هنا دِقَّة سليمان - عليه السلام - في استعراض مملكته، فلم يترك شيئاً حتى الهدهد، ونلحظ أدبه في قوله: {مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين} [النمل: ٢٠] فقد اتهم نظره وشَكَّ أولاً، فربما الهدهد يكون موجوداً، ولم يَرَهُ سليمان.

وانظر إلى قَوْل الهدهد للملك: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ... } [النمل: ٢٢] ثم معرفته الدقيقة بقضية التوحيد والعقائد: {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله ... } [النمل: ٢٤] .

ويعترض الهدهد على هذا الشرك، ويردُّ عليه بشيء خاص به، وبظاهر تُهمه: {أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ الذي يُخْرِجُ الخبء فِي السماوات والأرض ... } [النمل: ٢٥] .

فاختار الهدهد مسألة إخراج الخبْء؛ لأن منه طعامه، فلا يأكل من ظاهر الأرض، بل لا بُدَّ أنْ ينبشَ الأرض، ويُخرِج خبأها ليأكله.

وكذلك النمل، وهو أقلُّ من الهدهد، فقد كان للنملة مع سليمان لغة، وكلام، وفَهْم عنها: {حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا ... } [النمل: ١٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>