ونحن نعرف أن الحياة هي إعطاء المادة ما يجعلها متحركة حساسة مريدة مختارة، أما الموت فهو إخراج الروح من الجسد، فالذي يقتل إنساناً؛ إنما يخرج روحه من جسده، والقتل يختلف عن الموت؛ لأن الموت خروج الروح من الجسد بدون جرح، أو نقض بنية، أو عمل يفعله الإنسان في بدنه كالانتحار.
وقد يكون الإنسان جالساً مكانه وينتهي عمره فيموت، ولا أحد قادر قبل ذلك أن يقول له: مت فيموت، هذا هو الموت، لكن إزهاق الروح بجرح جسيم أو نقض بنية فهذا هو القتل وليس الموت، ولذلك يجعل الله القتل مقابلاً للموت، في قوله تعالى:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشاكرين وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخرة نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشاكرين}
[آل عمران: ١٤٤ - ١٤٥]
وقد أوضح لنا الله سبحانه وتعالى الفرق بين الموت والقتل، وجعل كلا منهما مقابلاً للآخر، فعندما أشيع أن رسول الله قد قتل، هَمَّ بعض المسلمين بالارتداد إلى الكفر، فأنكر الله عليهم ذلك قائلاً: إن محمداً رسول من عند الله قد مات من قبله المرسلون أفإن مات أو قتل رجعتم عن الإيمان للكفر، ومَنْ يفعل ذلك فإنما يضر نفسه، والثواب عند الله للثابتين على منهج الله الشاكرين لنعمه، أوضح لنا الحق أن موت أي إنسان لا يمكن أن يحدث إلا بإذن الله، وقد كتب الله ذلك في كتاب مشتمل على الآجال.
ويريد الله أن يُنبهنا ويُلفتنا إلى حقيقة هامة وهي أن الرسل في جدلهم مع أممهم أو مع المناقشين لهم لا يكون الهدف أنّ النبي يظفر بالغلبة وإنما يكون الهدف بالنسبة للرسول أو النبي أن يصل إلى الحقيقة، ولذلك لم يتوقف إبراهيم عليه السلام مع