فإذا كان السجود يختلف بهذه الصورة في الجنس الواحد حَسْب حالة وقدرته وطاقته، فلماذا نستبعد أن يكون لكل جنس سجوده الخاص به، والذي يتناسب مع طبيعته؟
وإذا كان هذا حال السجود في الإنسان، فهل ننتظر مثلاً أن نرى سجود الشمس أو سجود القمر؟! ما دام الحق - سبحانه وتعالى - قال إنها تسجد، فلا بُدَّ أن نؤمن بسجودها، لكن على هيئة لا يعلمها إلا خالقها عَزَّ وَجَلَّ.
بالله، لو جلس مريض يصلي على مقعد أو على الفراش، أتعرف وهو أمامك أنه يسجد؟ إذن: كيف نطمع في معرفة كيفية سجود هذه المخلوقات؟
ومن معاني السجود: الخضوع والطاعة، فمَنْ يستبعد أن يكون سجود هذه المخلوقات سجوداً على الحقيقة، فليعتبر السجود هنا للخضوع والانقياد والطاعة، كما تقول على إنسان متكبر: جاء ساجداً يعني: خاضعاً ذليلاً، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ}[فصلت: ١١] .
إذن: لك أن تفهم السجود على أيِّ هذه المعاني تحب، فلن تخرج عن مراده سبحانه، ومن رحمة الله أنْ جعل هذه المخلوقات خاضعة لإرادته، لا تنحلّ عنها أبداً ولا تتخلف، كما قال سبحانه:{إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}[الأحزاب: ٧٢] .
ونحن نتناقل الآن، ونروي بعض حوارات السالكين وأهل المعرفة وأصحاب الفيوضات الذين فَهِموا عن الله وتذوَّقوا لذَّة قُرْبه، وكانوا يتحاورون