تكون لأحدهم قدرة فهناك آخر لا قدرة له، أي عاجز. ويستطيع القادر من البشر أن يعدي أثر قدرته إلى العاجز؛ فقد يحمل القادر كرسيا ليجلس عليه من لا يقدر على حمله. لكن قدرة الحق تختلف.
كأن الحق سبحانه وتعالى يقول: أنا أعدي من قدرتي إلى من لا يقدر فيقدر، أنا أقول للضعيف: كن قادراً، فيكون. وهذا ما نفهمه من قوله سبحانه لإبراهيم:{ثُمَّ ادعهن يَأْتِينَكَ سَعْياً} . إن إبراهيم كواحد من البشر عاجز عن كيفية الإحياء، ولكن الحق يعطيه القدرة على أن ينادي الطير، فيأتي الطير سعيا.
إن الحق يعطي القدرة لإبراهيم أن يدعو الطير فيأتي الطير سعيا. وهذا هو الفرق بين القدرة الواجبة، وبين القدرة الممكنة. إن قدرة الممكن لا يعديها أحدٌ لخالٍ منها، ولكن قدرة وجب الوجود تُعديها إلى من لا يقدر فيقدر، ولذلك يأتي القول الحكيم بخصائص عيسى ابن مريم عليه السلام:{وَرَسُولاً إلى بني إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أني أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله وَأُبْرِىءُ الأكمه والأبرص وَأُحْيِ الموتى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: ٤٩]
إن خصائص عيسى ابن مريم لا تكون إلا بإذن من الله، فقدرة عيسى عليه السلام أن يصنع من الطين ما هو على هيئة الطير، وإذا نفخ فيه بإذن الله لأصبح طيرا، وكذلك إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، إن ذلك كله بإذن ممن؟ بإذن من الله.
وكذلك كان الأمر في تجربة سيدنا إبراهيم، لذلك قال له الحق:{واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} . إن الله عزيز أي لا يغلبه أحد. وهو حكيم أي يضع كل شيء في موقعه.