وكذلك يبسط الحق قصة الحياة وقصة الموت في تجربة مادية؛ ليطمئن قلب سيدنا إبراهيم، وقد جاءت قصة الحياة والموت؛ لأن الشك عند الذين عاصروا الدعوة المحمدية كان في مسألة البعث من الموت، وكل كلامهم يؤدي إلى ذلك، فهم تعجبوا من حدوث هذا الأمر:{قالوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[المؤمنون: ٨٢]
لقد أمر الحق سبحانه محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليجيب على ذلك: قل يا محمد: يحييها الذي أنشأها أول مرة؛ فقد خلقها من عدم ولذلك يقول الحق سبحانه:{وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المثل الأعلى فِي السماوات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم}[الروم: ٢٧]
إن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يبدأ الخلق على غير مثال، ثم يعيده بعد الموت، وإعادته أهون عليه من ابتدائه بالنظر إلى مقاييس اعتقاد من يظن أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه؛ فالله له مطلق القدرة في خلقه، وهو الغالب في ملكه، وهو الحكيم في فعله وتقديره.
إن الذي يعيد إنما يعيد من موجود، أما الذي بدأ فمن معدوم. فالأهون هو الإعادة، أما الابتداء فهو ابتداء من معدوم، وكلاهما من قدرة الحق سبحانه