قومه منها، وبعد أنْ فعلوا به وبأصحابه الأفاعيل، كيف دخلها وهو القائد المنتصر الذي تمكَّن من رقاب أعدائه؟
دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مكة مُطأطيء الرأس، حتى لتكاد رأسه تلمس قربوس السرج الذي يجلس عليه، تواضعاً منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ومع ذلك قال أبو سفيان لما رأى رسول الله في هذا الموقف، قال للعباس: لقد أصبح مُلْك ابن أخيك عظيماً.
وبعد أن تمكَّن رسول الله من كفار مكة، وكان باستطاعته القضاء عليهم جميعهم، قال:«يا معشر قريش، ما تظنُّون أَنِّي فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فاذهبوا فأنتم الطلقاء» .
فأيُّ رحمة هذه؟ وأيُّ لين هذا الذي جعله الله في قلوب المؤمنين؟ وهل مِثْل هذا الدين يُعارَض ويُنْصَرف عنه؟
إذن: يُسلِّط الحق - تبارك وتعالى - الأشرار بعضهم على بعض، وهذه آية نراها في الظالمين في كل زمان ومكان، ويجلس الأخيار يرقبون مثل هذه الصراعات التي يُهلِك الله فيها الظالمين بالظالمين.