لَيْسَ زُهْداً تصوف من تقي ... فرَّ من غَمْرة الحيَاةِ بدين
إنما يُعرَفُ التصَوفُ في ال ... سُّوق بمالٍ ومَطْمعٍ وفُتُون
ثم يقول تعالى:{وَصَلَوَاتٌ. .}[الحج: ٤٠] وهذه لليهود يُسمُّون مكان التعبد: صَالوتاً. لكن، لماذا لم يرتبها القرآن ترتيباً زمنياً، فيقول: لهدمت صلوات وصوامع وبيع؟ قالوا: لأن القرآن يُؤرِّخ للقريب منه فالأبعد.
{وَمَسَاجِدُ. .}[الحج: ٤٠] وهذه للمسلمين {يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً. .}[الحج: ٤٠] .
وما دام الحق سبحانه ذكر المساجد بعد الفعل {لَّهُدِّمَتْ. .}[الحج: ٤٠] فهذا دليل على أنه لا بُدَّ أن يكون للمسلمين مكان يُحكر للعبادة، وإنْ جُعِلَتْ الأرض كلها لهم مسجداً وطَهُوراً، ومعنى ذلك أنْ تصلي في أيِّ بقعة من الأرض، وإنْ عُدِم الماء تتطهر بترابها، وبذلك تكون الأرض مَحَلاً للعبادة ومَحَلاً لحركة الحياة وللعمل وللسَّعْي، فيمكنك أن تباشر عملك في مصنعك مثلاً وتُصلِّي فيه، لكن الحق سبحانه يريد منا أن نُخصِّص بعض أرضه ليكون بيتاً له تنقطع منه حركة الحياة كلها، ويُوقَف فقط لأمور العبادة.
لذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«مَنْ بنى لله مسجداً ولو كمِفْحَصِ قَطَاةٍ بنى الله له بيتاً في الجنة» .