فقوله تعالى:{لَّهُدِّمَتْ. . وَمَسَاجِدُ. .}[الحج: ٤٠] تدل على مكان خاص للعبادة وإلاَّ لو اعتُبرَتْ الأرضُ كلها مسجداً، فماذا تهدم؟
وعليه، فكل مكان تُزاوَل فيه أمورٌ غير العبادة لا يُعتبر مسجداً، كأماكن الصلاة التي يتخذونها تحت العمارات السكنية، هذه ليست مساجد، والصلاة فيها كالصلاة في الشارع وفي البيت؛ لأن المسجد (مكان) وما يُبنى عليه (مكين) .
والمسجدية تعني: المكان من الأرض إلى السماء، بدليل أننا في بيت الله الحرام نصلي فوق سطح المسجد، ونتجه لجوِّ الكعبة، لا للكعبة ذاتها، لماذا؟ لأن جَوَّ الكعبة إلى السماء كعبة، وكذلك لو كنا في مخابيء أو في مناجم تحت الأرض؛ لأن ما تحت الكعبة من الأرض كعبة. وكذلك في المسْعَى مَسْعَى.
إذن: المسجد ما حُكِر للعبادة، وخُصِّص للمسجدية من أرضه إلى سمائه، وهذا لا يُمارس فيه عمل دنيوي ولا تُعقد فيه صفقة. . إلخ.
أما أنْ نجعل المسجد تحت عمارة سكنية، وفوق المسجد مباشرة يباشر الناس حياتهم ومعيشتهم بما فيها من هَرج ولَهْو، حلال وحرام، وطهارة ونجاسة، ومعاشرة زوجية. . إلخ فهذا كله يتنافى مع المسجدية التي جعلها الله حِكْراً للعبادة من الأرض إلى السماء. فلنُسَمِّ هذه الأماكن: مُصلّى. ولا نقول: مسجد.
ثم يصف الحق سبحانه المساجد بقوله:{يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً. .}[الحج: ٤٠] لأن ذِكْر الله في المساجد دائم لا ينقطع، ونحن لا نتحدث عن مسجد، ولا عن مساجد قُطْر من الأقطار، إنما المراد