للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والخير كلمة عامة تشمل كل أوامر التكليف، لكن جاءت مع الصلاة على سبيل الإجمال، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالخير - إذن - كلمة جامعة لكل ما تؤديه وظائف المناهج من خير المجتمع؛ لأن المنهج ما جاء إلا لينظم حركة الحياة تنظيماً يتعاون ويتساند لا يتعاند، فإنْ جاء الأمر على هذه الصورة سَعِد المجتمع بأَسْره.

ولا تنْسَ أن المنهج حين يُضيِّق عليك ويُقيِّد حركتك يفعل ذلك لصالحك أنت، وأنت المستفيد من تقييد الحركة؛ لأن ربك قيّد حركتك وضيَّق عليك حتى تُلحِق الشر بالآخرين، وفي الوقت نفسه ضيّق على الآخرين جميعاً أن يتحركوا بالشر ناحيتك، وأنت واحد وهم كثير، فمن أجل تقييد حركتك قيّد لك حركة الناس جميعاً، فمَنِ الكاسب في هذه المسألة.

الشرع قال لك: لا تسرق وأنت واحد وقال للناس جميعاً: لا تسرقوا منه، وقال لك: غُضّ بصرك عن محارم الغير وأنت واحد. وقال لكل غير: غُضُّوا أبصاركم عن محارم فلان، فكل تكليف من الله للخَلْق يعود عليك.

فالمعنى: {وافعلوا الخير} [الحج: ٧٧] أي: الذي لا يأتي منه فساد أبداً، وما دامت الحركات صادرة عن مراد لهوى واحد فإنها تتساند وتتعاون، فإنْ كان لك هوى ولغيرك هوى تصادمتْ الأهواء وتعاندت، والخير: كل ما تأمر به التكاليف المنهجية الشرعية من الحق تبارك وتعالى.

ثم يقول سبحانه: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧] لكن، أين سيكون هذا الفَلاَح: في الدنيا أم في الآخرة؟

الفلاَح يكون في الدنيا لمن قام بشرع الله والتزم منهجه وفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>