الخير، فالفَلاح ثمرة طبيعية لمنهج الله في أيِّ مجتمع يتحرك أفرادُه في اتجاه الخير لهم وللغير، مجتمع يعمل بقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وعندها لن ترى في المجتمع تزاحماً ولا تنافراً ولا ظلماً ولا رشوة. . الخ هذا الفلاح في الدنيا، ثم يأتي زيادة على فلاح الدنيا فلاح الآخرة.
إذن: لا تظنوا التكاليف الشرعية عِبْئاً عليكم؛ لأنها في صالحكم في الدنيا، وبها فلاح دنياكم، ثم يكون ثوابها في الآخرة مَحْض الفضل من الله.
وقد نبهنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى هذه المسألة فقال:«لا يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أنْ يتغمّدني الله برحمته» ذلك لأن الإنسان يفعل الخير في الدنيا لصالحه وصالح دنياه التي يعيشها، ثم ينال الثواب عليها في الآخرة من فضل الله كما قال تعالى:{وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ. .}[النساء: ١٧٣] .
وقوله تعالى:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج: ٧٧] نعرف أن لعل أداة للترجي، وهو درجات بعضها أرْجى من بعض، فمثلاً حين تقول: لعل فلاناً يعطيك، فأنت ترجو غيرك ولا تضمن عطاءه، فإنْ قلت: لعلِّي أعطيك. فالرجاء - إذن - في يدك، فهذه أرجى من سابقتها، لكن ما زلنا أنا وأنت متساويين، وربما أعطيك أولاً، إنما حين تقول: لعل الله يعطيك فقد رجوْتَ الله، فهذه أرجى من سابقتها، فإذا قال الله تعالى بذاته: لعلي أعطيك فهذا أقوى درجات الرجاء وآكدها؛ لأن الوعد من الله والرجاء فيه سبحانه لا يخيب.