الملوك أنْ يستقلّ بقطاع من الأرض لا حَقَّ له فيه، ورأينا ما أحدثه من فساد في الأرض، هذا مثال لقوله تعالى:{وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ. .}[المؤمنون: ٩١] وهي صورة من صور الفساد.
لذلك يعالج الحق سبحانه هذه القضية ويعلنها على الملأ:{شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم. .}[آل عمران: ١٨] .
فليس هذا كلامنا، وليست هذه شهادتنا، بل كلام الله وشهادته سبحانه لنفسه، لكن هل علم هؤلاء الآلهة بهذه الشهادة؟ إنْ علموا بهذه الشهادة فسكوتهم عليها وعدم اعتراضهم عَجْز، وإن لم يدروا فَهُم غافلون نائمون، ففي كلتا الحالتين لا يصحّ أن يكونوا آلهة.
وفي موضع آخر يردّ عليهم الحق سبحانه:{قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً. .}[الإسراء: ٤٢] يعني في هذه الحالة {لاَّبْتَغَوْاْ إلى ذِي العرش سَبِيلاً}[الإسراء: ٤٢] يعني: ذهبوا يبحثون عن الإله الذي أخذ منهم الكون، وتعدَّى على سلطانهم، إما ليجابهوه ويحاكموه، وإما ليتقربوا إليه.
لذلك سيقول عن الذين تدَّعون أنهم آلهة من دون الله:{يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة. .}[الإسراء: ٥٧] يعني: عيسى والعزير والملائكة الذين قلتم إنهم بنات الله، هؤلاء جميعاً يتوسلون إلى الله ويتقربون إليه {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ. .}[الإسراء: ٥٧] .
وفي موضع آخر يقول تعالى:{لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملائكة المقربون. .}[النساء: ١٧٢] .
إنهم لا يستنكفون عن عبوديتهم لله، بل يعتزون بهذه العبودية،