للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُغضبهم ويسوؤهم أن نقول عنهم آلهة، أو نعطيهم من التقديس أكبر مما يستحقون؛ ذلك لأن ولاءهم وعصبيتهم لله تعالى أكبر من ولائهم وعصبيتهم لأنفسهم.

لذلك، فإن هذه الأشياء التي يتخذونها آلهة من دون الله هي أول مَنْ يلعنهم، فالأحجار التي عبدوها من دون الله - مع أن كلمة العبادة هنا خطأ ونقولها تجاوزاً؛ لأن العبادة طاعة العابد لأمر المعبود، وانتهاؤه ينهيه، والأحجار ليس لها أوامر وليس لها نَوَاهٍ - هذه الأحجار أعبد منهم لله، وأعرف منهم بالله؛ لذلك تكرههم الحجارة وتلعنهم، وتتحول عليهم في القيامة ناراً تَحْرقهم.

اقرأ هذا الحوار الذي يتنافس فيه غار حراء الذي شهد بداية الوحي وأَنِس فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأول آيات القرآن، وغار ثور الذي احتمى فيه رسول الله عند الهجرة، وكلاهما أحجار، يقول الشاعر:

كَمْ حَسَدْنَا حِرَاءَ حِينَ تَرى ... الرُّوحَ أميناً يغْذُوكَ بالأنْوارِ

فَحِراءُ وثَوْرُ صَارَا سَوَاءً ... بهما اشْفع لدولةِ الأحجارِ

عَبدُونا ونَحْن أَعْبَدُ لله ... مِنَ القائمين بالأسْحَارِ

تَخِذُوا صَمْتنَا علينا دليلاً ... فغدَوْنا لهم وَقُودَ النارِ

قد تجنَّوا جَهْلاً كما قد تجنَّوْه ... علَى ابْن مريم والحَوارِى

للمُغَالِى جزاؤه والمغَالَى ... فيه تُنجيهِ رحمةُ الغَفارِ

لذلك يقول تعالى لعيسى عليه السلام: {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله. .} [المائدة: ١١٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>