لخادمه: اذهب به إلى فلان وقُلْ له: لم يجد سيدي أثمن من هذا يهديه إليك، وقد بلغه أنك أهديت إليه حسناتك بالأمس، وهي بلا شك أعظم من هديتي تلك.
إذن: من الغباء أن نتناول الآخرين بالهَمْز واللمز والطعن والغيبة؛ فإنك بهذا الفعل كأنك أهديتَ لعدوك حسناتك، وأعطيتَ أعظم ما تملك لأبغض الناس إليك.
ألاَ ترى موقف الأب حين يقسو على ولده، فيستسلم له الولد ويخضع، أو يظلمه أخوه فيتحمل ظُلْمه ولا يقابله بالمثل، ساعتها يحنو الأب على ولده، ويزداد عطفاً عليه، ويحرص على ترضيته، كذلك يعامل الحق - تبارك وتعالى - العباد فيما بينهم من معاملات - ولله المثل الأعلى. لذلك قلنا: لو علم الظالم ما أعده الله للمظلوم من الجزاء لَضنَّ عليه بالظلم؛ لأنه سيظلمه من ناحية، ويُرضيه الله من ناحية أخرى.
ويقال: إنه كان عند أحد الملوك رجل يُنفِّس فيه الملك عن نفسه، فإنْ غضب استدعى هذا الرجل وراح يشتم فيه ويسبُّه أمام الناس حتى يهدأ، فإذا أراد أن ينصرف الرجل أخذه على انفراد وأعطاه كيساً من المال، وفي أحد الأيام احتاج هذا الرجل إلى مال ليقضي أمراً عنده، فحاول أنْ يتمحّك ليصل إلى الملك، ثم قال له: ألستَ في حاجة لأنْ تشتمني اليوم؟
فمسألتنا بهذا الشكل، إذن: ما عليك إلا أنْ تدفع بالتي هي