للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحسن، فإنْ صادفتَ من صاحبك مودة وصفاءً، وإلا فجزاءُ الله لك أوسع، وعطاؤه أعظم، وما أجمل قول الشاعر حين عبَّر عن هذا المعنى:

يا مَنْ تُضَايِقه الفِعَال مِنَ التي ومِنَ الذيِ ... ادْفَعْ فدَيْتُكَ بالتي حَتَّى تَرَى فَإذَا الذِي

يعني: إن أردتَ الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ فاعمل بالتي هي أحسن.

ثم يقول سبحانه: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} [المؤمنون: ٩٦] معناه: أنت يا محمد تأخذ بحقك من هؤلاء إذا كنا نحن لا نعرف ما يفعلونه بك، لكن الحال أننا نعرفه جيداً ونحصيه عليهم، وقد أعددنا لهم الجزاء المناسب، فدَعْ هذه المسألة لنا ولا تشغل نفسك بها.

وكأن الحق - تبارك وتعالى - يريد أن يُنزِّه ذات رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من انفعالات الغضب، وألاّ ينشغل حتى بمجرد الانفعال؛ لأنه حين يتعرّض لك شخص بسيئة تريد أن تجمع نفسك لترد عليه، وخصوصاً إذا كان هذا الرد مخالفاً لطبْعِك الحسن وخُلُقك الجميل، فكأنه يكلفك شيئاً فوق طاقتك.

فالله تعالى يريد أن يرحم نبيه وأن يريحه: دَعْكَ منهم، وفوِّض أمرهم إلينا، فنحن أعلم بما يصفون أي: بما يكذبون في حقك.

ثم يقول الحق سبحانه: {وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين} .

<<  <  ج: ص:  >  >>