كل هذه ظلمات. . ولكن لا تحاول أن تأخذها بمقاييس عقلك. . والمفروض أن المثل هنا لتقريب المعنى. . لأنك إذا قرأت قول الحق سبحانه وتعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَاباً مَّسْتُوراً}[الإسراء: ٤٥]
كيف يكون الحجاب مستورا؟ . . مع أن الحجاب هو الساتر الذي يستر شيئا عن شيء. . ولكن الحق سبحانه وتعالى يريدنا أن نفهم. . أنه برغم أن الحجاب يستر شيئا عن شيء، فإن الحجاب نفسه مستور لا نراه. . وبعض العلماء يقولون: إن مستورا اسم مفعول. . وهو في معنى اسم الفاعل ساتر. . نقول لا. . واقرأ قوله تبارك وتعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً}[مريم: ٦١]
مأتيا اسم مفعول واسم الفاعل آتى. . ويقول البعض وضع اسم المفعول مكان اسم الفاعل. . نقول أنك لم تفهم. . هل وعد الله يلح في طلب العبد. . أم أن العبد يلح في طلبه بعمله فكأنه ذاهب إليه. . والموعود هو المستفيد وليس الوعد. . إذن من دقة القرآن الكريم. . أنه يريد أن ينبهنا إلى أن الموعود هو الذي يسعى للقاء الوعد. . وليس الوعد هو الذي يطلب لقاء الموعود فيستخدم اسم الفاعل.
فحين يقول الحق سبحانه وتعالى:{وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} . . نفى النور عنهم. . والنور لا علاقة له بالسمع ولا بالشم ولا باللمس. . ولكنه قانون البصر. .
وانظر إلى دقة التعبير القرآني. . إذا امتنع النور امتنع البصر. . أي أن العين لا تبصر بذاتها. . ولكنها تبصر بانعكاس النور على الأشياء ثم انعكاسه على العين. .