فأكّد العُتُو بالمصدر (عتواً) ثم وصف المصدر أيضاً {عُتُوّاً كَبِيراً}[الفرقان: ٢١] لماذا كل هذه المبالغة في التعبير؟ قالوا: لأنهم ما عَتَوْا بعضهم على بعض، إنما يتعاتون على رسول الله، بل وعلى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لذلك استحقُّوا هذا الوصف وهذه المبالغة.
والعاتي الذي بلغ في الظُّلم الحدَّ مثل الطاغوت الذي إنْ خاف الناس منه انتفش، وتمادى وازداد قوة.
ومن ذلك قوله تعالى:{وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً}[مريم: ٨] ومعلوم أن الكِبَر ضعف، كما قال سبحانه:{ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً}[الروم: ٥٤] فكيف إذن يصف الكبر بأنه عَاتٍ؟ قالوا: العاتي هو القوي الجبار الذي لا يقدر أحد على صَدِّه أو رَفْع رأسه أمامه، وكذلك الكِبَر على ضَعْفه، إلا أنه لا توجد قوة تطغى عليه فتمنعه.