وقوله تعالى:{إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا القرآن مَهْجُوراً}[الفرقان: ٣٠] أضاف القوم إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأنه منهم يعرفونه ويعرفون أصْله، وقد شهدوا له بالصدق والأمانة ومكارم الأخلاق قبل أن يُبعثَ، وكان عندهم مؤتمناً على نفائس أموالهم؛ لذل خاطبهم الحق تبارك وتعالى بقوله:{لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨] .
إذن: فالرسول ليس بعيداً عنكم، ولا مجهولاً لكم، فمَنْ لم يؤمن به كرسول ينبغي أنْ يؤمن به كأسْوة وقدوة سلوك لسابق تاريخه فيكم.
لذلك نرى أن سيدنا أبا بكر ما انتظر من رسول الله دعوةً، ولا أنْ يقرأ له قرآناً، أو يُظهِر له معجزة، إنما آمن وصدَّق بمجرد أن قال رسول الله، فما دام قد قال فقد صدق، ليس بمعجزة رآها أبو بكر، إنما برصيده القديم في معرفة رسول الله في سلوكه وخُلُقه، فما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليَدع الكذب على الخَلْق، ويكذب على الخالق.