وإن شئت أن يتقرب الله منك باعا، فتقرب أنت ذراعا. وإن شئت أنت أن يأتي ربك إليك مهرولاً جرياً فأت إليه مشيا. فبمجرد أن يراك الله وأنت تقبل وتتجه إليه، كأنه يقول لك: لا. . استرح أنت، أنا الذي آتي إليك.
ولذلك قلنا من قبل في مسألة الصلاة حين تؤمن أيها العبد بالله وبعد ذلك ينادي المؤذن للصلاة، فتذهب أنت إلى الصلاة، صحيح أنت تذهب إلى الصلاة المفروضة، لكن هل منعك الله أن تقف بين يديه في أية لحظة؟ . لقد طلب الله منك أن تحضر بين يديه خمس مرات في اليوم، وبعد ذلك ترك الباب مفتوحاً لك أيها المؤمن فالله لا يمل حتى يمل العبد.
والإنسان في حياته العادية ولله المثل الأعلى إذا أراد أن يقابل عظيماً من العظماء فإن الإنسان يطلب الميعاد، فإما أن يقبل العظيم من البشر لقاء من يطلب الميعاد أو يرفض. وإذا قبل العظيم من البشر لقاء من يطلب الميعاد، فإن العظيم من البشر يحدد الزمن، ويحدد المكان، وربما طلب العظيم من البشر أن يعرف سبب وموضوع المقابلة. لكن الله يترك الباب مفتوحاً أمام العبد المؤمن، يلقى الله عبده في أي شيء، وفي أي وقت، وفي أي مكان، وفي أي زمان.
حسب نفسي عزاً بأنَّيَ عبد ... يحتفي بي بلا مواعيد ربُّ
هو في قدسه الأعز ولكن ... أنا ألقى متى وأين أحبُّ
الزمام إذن في يد من؟ . إن الزمام في يد العبد المؤمن. لذلك فالذين قالوا في فهم {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ} إن البشر في أيديهم أمر المغفرة لهم، فإن شاء البشر أن يغفر الله لهم فإنهم يفعلون أسباب المغفرة، ويتوبون إلى الله، ويكثرون من الحسنات، ومن يريد أن يتعذب فليظل سادراً في غيه في فعل السيئات. ثم بعد ذلك يقول الله عَزَّ وَجَلَّ:{آمَنَ الرسول بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ والمؤمنون ... }