وقلنا: إن السرقة أن تأخذ شيئاً من حِرْزه في غير وجود صاحبه، والخطف يكون صاحب الشيء موجوداً، لكنك تأخذه خَطْفاً وتفرّ به قبل أن يُمسك بك، فإنْ أمسك بك فغالبْتَه وأخذتها رَغماً عنه فهي غَصْب، أما الاختلاس فأنْ تأخذ من مالٍ أنت مؤتمَنٌ عليه، مالا يحقَّ لك أخْذه.
فإذا علم كُلُّ متحرك في الحياة أن ثمرة حركته تعود عليه، وعلم كل غير متحرك أنه يموت جوعاً إنْ لم يعمل وهو قادر دبَّتْ الحركة في كل الأحياء، وهذا ما يريده الله تعالى لخليفته في الأرض خاصة، وقد خلق لنا سبحانه العقل الذي نفكر به، والطاقة التي نعمل بها، والمادة التي نستعين بها، فكلُّ ما علينا أن نُوظّف هذه الإمكانات التي خلقها الله توظيفاً مثمراً.
ثم إنْ كانت الزكاة كحقِّ معلومة محددة، فهناك حَقٌّ آخر غير مُحَّدد، في قوله سبحانه:{وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ والمحروم}[الذاريات: ١٩] ولم يقل (معلوم) ؛ لأن المراد هنا الصدقة المطلقة، وقد تركها الحق تبارك وتعالى ولم يُقيِّدها ليترك الباب مفتوحاً أمام أريحية المعطي، ومدى كرمه وإحسانه؛ لذلك جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن صفات المحسنين: