مثلاً من ماله، لا ينظر إلى ما تبقّى له من رأس المال، وهي نسبة ٩٧. ٥ ... ، وينظر إلى حَقِّ الفقير وهو يسير ٢. ٥ ... .
فنراه يحتال عليه فيُؤثِر به أقاربه أو معارفه، أو يضعه بحيث يعفيه من حق آخر، كالذي يعطي زكاته للخادمة مثلاً، ليُرضِي أمها حتى لا تأخذها من يده، ومنهم مَنْ يضع أموال الزكاة في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى؛ وهذا كله لا يجوز؛ لأن مال الزكاة حَقٌّ للمستحقين المعروفين نصاً في كتاب الله، ولا يصح أنْ يُوجِّه مال الزكاة لشيء ينتفع به الغني أبداً.
ثم يقول سبحانه:{وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ}[الشعراء: ١٨٣] عثا: أي أفسد. فالمعنى: لا تُفسِدوا في الأرض، فلماذا كرَّر الإفساد مرة أخرى فقال {مُفْسِدِينَ}[الشعراء: ١٨٣] ؟ قالوا: المراد: لا تعثَوْا في الأرض حالةَ كونِكم مفسدين، أو في نيتكم الإفساد.
وليس في الآية تكرار؛ لأنه فرَّق بين إفساد شيء وأنت لا تقصد إفساده، إنما حركتك في الحياة أفسدتْه، وبين أنْ تُفسد عن قصد وعَمْد للإفساد، حتى لا نمنع العقول أن تفكر وتُجرِّبَ لتصلَ إلى الأفضل، وتُثري حركة الحياة، فما دُمْتَ قد قصدتَ الصلاح، فلا عليك إنْ أخطأتَ؛ لأن ربك عَزَّ وجَلَّ يتولى تصحيح هذا الخطأ، بل ويُعوِّضك عنه، فمَنِ اجتهد فأخطأ فله أجر، ومَنِ اجتهد فأصاب فله أجران.