ومن هذا الغيب المطلق قضية القيامة {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السماوات والأرض الغيب إِلاَّ الله}[النمل: ٦٥] فالقيامة لا يعلم وقتها إلا الله سبحانه، إلا أنه جعل لها مُقدِّمات وعلامات تدلُّ عليها وتُنبىء بقُرْبها.
قال عنها:{أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه: ١٥] البعض يظن أن {أُخْفِيهَا}[طه: ١٥] يعني: أداريها وأسترها، لكن المعنى ليس كذلك {أُخْفِيهَا}[طه: ١٥] يعني: أزيل خفاءها، ففرْق بين خَفي الشيء وأخفاه: خَفَى الشيء عني: ستره وداراه، أما أخفاه فيعني: أظهره، وهذه تُسمَّى همزة الإزالة، مثل: أعجم الشيء يعني: أزال عُجْمته. ومنه المعجم الذي يُوضِّح معاني المفردات.
وكما تكون الإزالة بالهمزة تكون بالتضعيف. نقول: مرض فلان يعني: أصابه المرض، ومرَّض فلاناً يعني: عالجه وأزال مرضه، ومنه: قشَّر البرتقالة: يعني أزال قشرها.
فالمعنى {أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه: ١٥] أي: أكاد أُظهِرها، ألاَ ترى أن للساعة علامات كبرى وعلامات صغرى، نرى بعضها الآن، وتتكشف لنا من الأيام علامة بعد أخرى.
لكن يظل للقيامة وقتها الذي لا يعلمه إلا الله؛ لذلك يقول عنها:{لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ}[الأعراف: ١٨٧] .
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يفتخر بأنه لا يعلم موعدها، فيقول حين سُئِل عنها: «